محليات

ترويقة وقنبز في "الضمان": الحكي مش متل الشوفة

Please Try Again
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر خدمة واتساب...
اضغط هنا

مجموعةٌ من المواطنين تقف خلف زجاجٍ يفصلهم عن كرسيّ فارغ... أسألهم عن مكان الموظّفة، فيومئون بعيونهم إلى أقصى اليمين، "عم تتروّق"... يقف بجانبي رجلٌ تخطّى الـ70 عامًا، يبدو عليه التعبُ والقرف، "معقول زلمي بيعمري يتبهدل هيك"، يقول لي، ويضيف: "انشاالله تكون شربانة قهوتها"... ولم يكد يُنهي جملته، حتى سكبت قهوتها، وحملت هاتفها تتصفّح ما فاتها خلال "الترويقة"...

إنه مبنى الضمان، وصدّقوني "قدّ ما نكتب قليل"!

المبنى في الخارج وعلى أدراجه، تظنّه مهجورا، "درْجة إيه، درجة لأ"... ليتغيّر كلّ شيء متى وصلتَ إلى الطابق الثاني... هناك ازدحامٌ وأصواتٌ تعلو لمواطنين تأخّروا على دوام عملهم من أجل توقيعٍ استلزم ساعات ثلاث، تصطدم بالعشرات، كلٌّ يروي قصص معاناته مع الضمان، والفوضى التي أرهقتهم، والضياع الذي تراه وتسمعه في كل زاوية، حينًا عن ورقة ضائعة وحينا آخر عن موظّف في إجازة لا احد يعلم موعد عودته.

للحصول على توقيع أو إفادة، سيكون عليك أن تتجوّل في مختلف المكاتب وبين جدران شاهقةٍ من الأوراق والملفّات، مكدّسة في كل مكان، تنظر إليها آسفا لحال ناسها، آملا أن لا تكون منهم... إذا تذمّرتَ، يعاجلونك بالآتي: "أشكر ربّك أنك لستَ تابعا لإحدى الشركات، فملفات الشركات متوقفة، والموظفون لم يتقاضوا ليرة واحدة منذ العام 2016"... وهنا لا نسأل عن السبب بالطبع "فالجواب في الكراسي الفارغة، والترويقة".

فجأة، يرتفع صراخ أحدهم، هو شابٌ ينتظرُ انتهاء معاملته منذ الثامنة صباحا، وحينما حلّت الساعة الحادية عشرة أعلن الموظف انتهاء دوام عمله.. هبّ لتوضيب أغراضه بعد يوم شاقّ من العمل استمرّ لساعتين، فأتاهُ غضبُ الشاب الذي سمعته الجموع كلها في ذلك الطابق، فعاد الموظف وجلسَ سريعا لينهي عملا لم يبدأه في الأساس.

إلا أن كلّ ذلك يمكن تفاديه وسريعا، بالقليل من "القنبز"... يقول موظّف لزميله بصوت منخفض: "فيه قنبز بين الوراق"... فتفهم أنها كلمة السرّ التي تسرّع المعاملات، فتفح لها طريقا عسكرية بين العشرات الذين ينتظرون منذ الصباح توقيعا أو موافقة.

مزرٍ هو الحال الذي وصلته مؤسّسات الدولة بفعل عدم المحاسبة وقلّة المسؤولية، خصوصا عندما نتكلم عن الضمان الاجتماعي، الذي من المفترض أن يكون ملاذا للمواطنين الذين لم تتأمن لهم أبسط الحقوق بالطبابة وبمعيشة لائقة، وبعدما نُهبَ جنى العمر، حتى بات أملهم الوحيد "الضمان" ولو كلّفهم ذلك "البهدلة" لساعات.

يقول المثل الفرنسي: "quand le chat n'est pas là les souris dansent".. وهنا لبّ المشكلة، فلو لم تُشرَّع الأبواب أمام الفوضى من دون حسيب أو رقيب لما كان المشهد كذلك في الضمان... لربما يحتاجون إلى وزير أو مسؤول "يكبسهم" كما فعل وزير الخارجية يوسف رجّي قبل أسبوعين... لأن ما يحتاجه الضمان هو نفضة "ورجّة".. حجرا وبشرا.

سينتيا سركيس - موقع Mtv

انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب

تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.

انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل
Twitter Youtube WhatsApp Google News
انضم الى اخبار القناة الثالثة والعشرون عبر قناة اليوتيوب ...
اضغط هنا